عند معظم الأشخاص لا يُعترَف بدور الأب ولا يُشعَر بوجوده في كامل العملية التربوية، وإنَّما يرتبط ذكره بالمال والمصروفات المتعلقة بالأطفال، وكأنَّه بنك للمال ليس أكثر. ولكن الحقيقة عكس ذلك وهي أن دور الأب في تربية الأبناء مهم جداً وهو ما سوف نستعرضه بالتفصيل في السطور القادمة.
هل التربية خاصة بالنساء؟
يسيطر مُعتقد "تربية الأطفال خاصة بالنساء" على معظم ثقافة المجتمع؛ الأمر الذي يضع الأم تحت عبء نفسي وجسدي كبير، ويُبعِد الأب عن دوره في مشاركة الأم، ويخلق حاجزاً ما بين الأب وطفله.
على الأم الوعي لهذه الحقيقة، ومساعدة الأب على الانخراط في عملية التربية، لكي تكسر العقلية التقليدية المحفورة في عقول الذكور، والتي تعزز فكرة أنَّ الرجل بنك مركزي لا أكثر.
دور الأب في تربية الأبناء:
الآباء، مثل الأمهات، هم ركيزة هامة في تنمية الصحة العاطفية للطفل، حيث يتطلع الأطفال إلى آبائهم لوضع القواعد وتنفيذها. كما أنهم يتطلعون إلى آبائهم لتوفير الشعور بالأمان الجسدي والعاطفي، حيث أن مشاركة الأب في تربية الطفل يعزز النمو الداخلي له والقوة.
حيث أظهرت الدراسات أنه عندما يكون الآباء حنونين وداعمين، فإن ذلك يؤثر بشكل كبير على النمو المعرفي والاجتماعي للطفل، كما أنه يغرس الشعور العام بالرفاهية والثقة بالنفس. كما تشير مجموعة متزايدة من الأبحاث إلى الآثار إيجابية على الأطفال التي تسببها مشاركة الأب في تربيته.
وفي المتوسط، يميل الأطفال الذين يشارك آباؤهم بالأنشطة التي يقومون بها إلى مواجهة مشاكل أقل في التحصيل الدراسي والسلوك والتفاعل الاجتماعي مقارنة بالأطفال الذين لا يشارك آباؤهم بالأنشطة في حياتهم.
أهمية دور الأب في تربية الأبناء:
- التأثير على نجاح الطفل.
- المساهمة في النمو العاطفي الصحي.
- تحسين الصحة العامة للطفل.
- تقديم الدعم المالي.
- يقدم الآباء وجهة نظر أخرى لأطفالهم مختلفة عن وجهة نظر الأم.
شاهد بالفديو: 8 خطوات لتقوية علاقتك مع أبنائك
ما مهام الأب في تربية الطفل؟
عند معظم الأشخاص تتمثل مهام الأب في ثلاثة أدوار أساسية: الحامي، والمعيل، والانضباط. إلا أن هناك الكثير من الأشياء التي يمكن للأب أن يقوم بها خلال تربية الطفل. إليك أبرزها:
1. الاعتناء الجسدي بالطفل:
وهنا يقوم الأب بتغيير ملابس الطفل وإطعامه على سبيل المثال، وعلى الأم تشجيعه على ذلك، من خلال طلب مساعدته طلباً غير مباشر، كأن تقول له: "هل لك أن تلبسه ملابسه، ريثما أذهب لأستحم؟"، على الأم كسر الحاجز الجليدي بين الأب وابنه.
2. الاعتناء بصحة الطفل:
على الأب مشاركة الأم في الذهاب إلى طبيب الأطفال، للاطمئنان على صحة طفله؛ حيث تساعد خطوة كهذه على تقوية الرابطة ما بين الأب والابن.
3. الاعتناء بنشاطات الطفل:
على الأب مشاركة الأم في تعزيز مواهب الطفل ومهاراته، كأن يذهب مع ابنه إلى درس العزف أو السباحة أو الرسم، ويعيش معه متعة النشاط وجماله.
4. التربية النفسية للطفل:
على الأب الاهتمام بالجانب النفسي للطفل، فيساعد الأم على زراعة القيم السليمة لدى طفلهما، كقيمة الصدق والمسؤولية والالتزام، فلا يجوز استخدام جمل متناقضة مع الطفل، لكيلا يتعلم الكذب.
كما لا يجوز استخدام التعنيف اللفظي أو الجسدي معه عند الخطأ؛ لأنَّ ذلك يؤذي الطفل نفسياً، ويمنعه من الوصول إلى التوازن النفسي، ويساهم في خلق طفل عنيد وصعب المراس.
ومن هنا، كان لا بدَّ من اتباع أسلوب الحوار معه، بحيث تُبيَّن له مساوئ الأمر وعواقبه السلبية، ومن ثمَّ تُترَك له حرية التصرف، فإن اختار تجاهل المساوئ والعواقب، كان هو مَن يتحمَّل مسؤولية الأمر لا غيره.
من جهة أخرى، على الأم تعظيم الصفات الإيجابية لدى الأب، لكي يتعلم منها الابن، كأن تقول لابنها: "انظر إلى أبيك وهو يقرأ في كتابه المفضَّل، اذهب إليه وخذ قصتك القصيرة، واقرأها معه"، وهنا تكون الأم قد ساعدت على خلق رابطة قوية بين زوجها وابنها، كما ساهمت في تعليم ابنها مهارة القراءة.
5. التوافق:
يجب على الأب الاتفاق مع الأم على ضرورة بقاء أحدهما حليماً وهادئاً، في لحظة غضب الطرف الثاني وفقدان سيطرته على الابن؛ إذ يجب أن يبقى أحدهما مصدر أمان وحماية للابن، وإلا سينهار الطفل ويكتئب نفسياً.
على سبيل المثال: في حال فقدان سيطرة الأب، وهجومه العنيف على الطفل، هنا على الأم إيقافه، ومنعه التام من ذلك، ومن ثم أخذ الطفل إلى غرفته وتهدئته وتبيان غلط الوالد له، لكيلا يتعلم هذا الأسلوب العنيف في التعامل، كأن تقول له: "يجب على الإنسان كظم غيظه، لقد أخطأ والدك، ولم يُحسِن إدارة غضبه، ولكن لا تقلق يا بني، فأنا سأدعوه بعد قليل للمجيء إليك والاعتذار منك".
إقرأ أيضاً: مخاطر الصراخ على الطفل وطرق التعامل معه عند الغضب
6. الاطلاع:
على الأب الاطلاع إلى أحدث طرائق التربية؛ وذلك من أجل الحصول على نتائج أفضل، كأن يشترك في الورشات والندوات العلمية، التي تُعنَى بالمسائل التربوية.
كما تستطيع المرأة مساعدة الأب على ذلك، من خلال التظاهر بالقراءة بصوت عالٍ في كتاب يناقش طرائق التربية الأكثر مثالية ونجاحاً، أو من خلال دعوته إلى مشاركتها في الدورات التدريبية المهتمة بجانب تربية الطفل.
7. التعويض:
في حال غياب الأب الطويل عن المنزل، فإنَّ عليه ابتكار طريقة لتعويض غيابه، كأن يتكلم مع طفله مكالمات صغيرة خلال اليوم، ويُشعِره أنَّه معهم، ويبادر ويرسل إليه صوراً، ويطلب من طفله إرسال صورٍ لنشاطاته خلال اليوم.
8. الرقي والوعي:
يحاكي الطفل سلوك أبويه؛ لذلك على الأب الانتباه لكل كلمة يلفظها، ولكل فعل يقوم به أمام طفله، كما على الأب والأم التعامل الراقي فيما بينهما في جميع الحالات، والامتناع عن الجدال والصراخ أمام طفلهم، فضلاً عن المحافظة على التعامل الحسن فيما بينهما في حالات الانفصال، وذلك للمحافظة على الحالة النفسية للطفل.
9. تعزيز ثقة الطفل بنفسه:
على الأب العمل من أجل تعزيز ثقة الطفل بذاته، من خلال الكلام الإيجابي عنه، ومدحه عند القيام بأمر إيجابي، ودعمه النفسي لممارسة هواياته ونشاطاته، كما يستطيع الأب تدريب الابن على إبداء رأيه أمام الناس، لكي يكسر لديه الخوف من مخاطبة الناس، ولكي ينمِّي لديه مهارة التعبير عن أفكاره ومشاعره.
في الختام:
للأب دور في تربية الطفل مثله مثل الأم، فلا يجوز تجاهل تلك الطاقة الكبيرة الكامنة في قلب الأب، وبتر أدواره المهمة وحصرها بالمال فحسب.
أضف تعليقاً