1. تَبَنِّي الأهداف الممتدة:
"عندما يوجد أمر هام بما فيه الكفاية، يمكِنك القيام به حتى لو لم تكن الفرص لصالحك".
قد تكون إحدى أشهر صفات "ماسك" الشخصية ميله إلى تحديد مواعيد نهائية طموحة بشكل مذهل لمشاريع شركاته؛ فهو يستخدم الأهداف الممتدة كطريقة لتغيير المفاهيم، حيث يقول:
"الخطوة الأولى هي إثبات أنَّ أمراً ما ممكن، ثمَّ يصبح احتمال حدوثه قائماً".
إليكم قصة يرويها لنا قائدٌ تنفيذيٌّ سابق في شركة سبيس إكس (SpaceX): "كان يجب على الجميع لدى "ماسك" العمل على تصنيع سيارة من المفترض أن تتحرك من لوس أنجلوس (Los Angeles) إلى نيويورك (New York) معتمدةً على خزان واحد من الوقود، وكان من المفترض أن يعملوا لمدة عام ثمَّ يختبروا أجزاء السيارة جميعها، وبعد ذلك، عندما انطلقَت السيارة إلى نيويورك بعد ذلك العام، اعتقدَ الجميع أنَّ السيارة ستكون محظوظةً إذا وصلَت إلى لاس فيغاس، والذي حدث في النهاية هو أنَّ السيارة وصلَت إلى نيو مكسيكو (New Mexico)؛ أي ضعف المسافة المتوقعة. ومع ذلك، كان "إيلون" منزعجاً، فلقد حصل على ضعف ما يحصل عليه أي شخص آخر".
توضح الجملة الأخيرة فاعلية الأهداف الممتدة، حتى في مواجهة الفشل، وإذا كان هدفك غريباً جداً، ومن المستحيل تحقيقه، فإنَّك ستحتفل بالإنجازات الصغيرة التي حققتَها لأنَّك توقعتَ ألا تُحقِّق أي شيء منها.
لقد كانت الخطة الأولية لشركة تيسلا (Tesla) هي بدء شحن سيارة تيسلا رودستار (Roadster) في عام 2006، وقد أخرَت الشركة الموعد النهائي للشحن مرات عدَّة حتى أصبحَت السيارة متاحةً بالفعل في عام 2008، وعلى الرغم من إطلاق السيارة بعد حوالي عامين من الموعد النهائي، قامت شركة تيسلا بتسليم أول سيارة كهربائية تعمل على البطارية بالكامل.
يقول "ماسك": "أنا أقول شيئاً ما، ثمَّ يحدث ذلك عادةً، ربما ليس في الموعد المحدد له، ولكنَّه يحدث".
لقد منحَت أهداف "ماسك" الممتدة العالم واحدةً من أفضل السيارات التي يمكِنك شراءها على الإطلاق وهي السيارات الكهربائية، ثمَّ قدَّمَت إلينا صواريخ قابلة لإعادة الاستخدام، يقول بعضهم: "عندما صنع هنري فورد (Henry Ford) سيارات رخيصة وموثوقة، تساءل الناس لماذا قد يستبدلون بالحصان هذه الآلة؟ لقد كان ما قدَّمه "فورد" رهاناً كبيراً، وقد نجح في ذلك".
لا يساعد وضع أهداف تحافظ على الوضع الراهن في الحصول على نتائج غير متوقعة.
لتطبيق سر الإنتاجية هذا:
الهدف من وضع أهداف ممتدة هو الخروج من منطقة راحتك، فلا يحدث النمو والتطور عندما تستمر في فعل ما قمتَ به في الماضي، وإنَّما يأتي من الفشل في أثناء محاولة إحراز تقدُّم، فإذا كنتَ تهدف إلى تحقيق خمسة أمور عظيمة وحققتَ اثنين منها فقط، فأنت تتفوق في الأداء على جميع الأشخاص الذين لم يحاولوا في الأساس.
تتطلب الأهداف الممتدة المزيد من العمل كمَّاً ونوعاً، وتجبرك على الابتكار أكثر من الأهداف العادية، وسعياً إلى تحقيق تلك الأهداف، فإنَّك تُطَوِّر مهاراتك بحيث يمكِنك إنجازها.
في البداية، لن تعرف كم ينبغي أن تكون أهدافك الممتدة طَموحة، وباستخدام التجربة والخطأ، حدِّد كم يجب عليك أن تتجاوز الحدود، لكنَّ الأمر الأكثر أهميةً هو أن تبدأ المحاولة، ثمَّ تُجري التعديلات الملائمة بعد ذلك.
خصِّص بعض الوقت لتحديد هدف ممتد، في المرة القادمة التي تخطط فيها للعمل، وحاوِل تحقيق أداء أفضل بنسبة 50% مما يتطلبه هدفك العادي، وتحدَّ نفسك وشاهِد فيما إذا كان بإمكانك مفاجأة نفسك بأداءٍ مذهل.
يُعدُّ استخدام هذه الاستراتيجية هو الخطوة الأولى للتخلص من الأهداف الاعتيادية، والسعي إلى تحقيق الأهداف التي لم تكن تعتقد أنَّها ممكنة أساساً.
2. تطوير عقلية النمو:
في عام 2004، اتصل "ماسك" بأحد الموردين للحصول على سعر مشغل كهروميكانيكي، وأخبره أنَّ سعره حوالي 120 ألف دولار.
حلَّل ماسك المكونات المطلوبة لصنع المشغل، اعتماداً على مبادئ التحليل من البداية، وطلب من ستيف ديفيس (Steve Davis)، الذي يعمل حاليَّاً مدير المشاريع المتقدمة في شركة سبيس إكس (SpaceX)، تصنيع مشغل بدءاً من الصفر بتكلفة أقل من 5000 دولاراً، ولقد أمضى ديفيس تسعة أشهر في تصميم وبناء المحرك مقابل 3900 دولاراً، والذي انطلق إلى الفضاء داخل صاروخ "فالكون 1" (Falcon 1).
لكنَّ "ماسك" لم يكن راضياً عن وضعه الحالي، وعلى الرغم من أنَّ شركاته حققَت إنجازات ضخمة، لكنَّه يعلم أنَّ هناك دائماً مجالاً للتحسين في كل مجال، ويوجد طرائق أفضل وأسرع وأرخص للقيام بالأمور؛ إذ يقول: "يجب أن تَتَّبِعَ نهج ارتكاب الأخطاء، ثمَّ أن يكون هدفك ارتكاب عددٍ أقل منها".
هذا ما يسمى بعقلية النمو؛ فهي مهارة هامة تميز الأشخاص الناجحين عن الآخرين، وعندما يكون لديك عقلية نمو، فأنت تعلم أنَّه يمكِنك تعلُّم أي أمر إذا بذلتَ جهداً كافياً في إنجازه، وإذا فشلتَ، فإنَّك ستعالج المشكلة من زوايا مختلفة حتى تجد حلاً ناجحاً؛ أي أنَّك ستكرر ما تقوم به حتى تحصل عليه بصورة مناسبة.
يقول "ماسك": "يُعدُّ الفشل خياراً، وإذا لم تفشل الأمور معك، فأنت لا تبتكر بما فيه الكفاية".
يُعرَف عكس ذلك بالعقلية الثابتة، حيث نادراً ما يجري تحدي الوضع الراهن باستخدام هذه العقلية، وستبقى الأمور على ما هي عليه دائماً؛ لأنَّ هذه هي الطريقة التي ننجز بها الأمور، وتُتَّخَذُ المفاهيم المسبقة كحقائق عالمية، بدلاً من التشكيك فيها وطرح التساؤلات، ولهذا السبب، يبقى الناس في حالة ركود.
من ناحية أخرى، فإنَّ تطوير عقلية للنمو يُحقِّق تقدُّماً في حياتنا الشخصية والمهنية، وحتى إذا كنتَ تُحقِّق مكاسب صغيرة كل يوم، فإنَّها ستتراكم مع مرور الوقت.
لتطبيق سر الإنتاجية هذا:
يحدث النمو نتيجة معالجة المشكلات والأسئلة والتحديات الصعبة، ولكي تنجح في ذلك، أنت تحتاج إلى تدريب الدماغ على التعامل مع الإخفاقات والصراعات كما لو كانت تقدُّماً، ومحاولة الاقتراب من الحل.
نُقدِّم لك فيما يلي طرائق البدء في تطوير عقلية النمو:
- التعلم المستمر: وسِّع معرفتك بقراءة الكتب، وتعلَّم من تحدياتك الشخصية ومن الآخرين، وإنَّ تزويد عقلك بمعلومات جديدة يساعده في الحصول على أفكار وحلول جديدة تضيف قيمةً إلى وظيفتك وحياتك.
- التصميم: غيِّر وجهة نظرك، وانظر إلى الفشل على أنَّه عقبات بسيطة وخبرات تعليمية ضمن مسار الأمور التي تتعلمها، وتكيَّف مع ذلك، وكرِّر أفكارك حتى تُحقِّق النجاح في المرة القادمة.
- العيش من أجل التحديات: إذا كان أمامك خياران، فاختر الأصعب، وانظر إلى التحديات كفرصة لتوسيع مهاراتك وتطوُّرك.
- تَقَبُّل الفشل: يفشل الجميع في مرحلة ما من الحياة؛ لذا تعلَّم من الإخفاقات التي تواجهها من خلال معرفة الخطأ الذي حدث وكيف يمكِنك تحسينه، واستفِد من هذه التجربة في المرة القادمة.
- تَقَبُّل التغذية الراجعة: تُعدُّ التغذية الراجعة الفعالة والتي تأتي في الوقت المناسب لتُبيِّن المجالات التي يجب تحسينها عنصراً هاماً للنجاح؛ لذلك تَقَبَّل التغذية الراجعة، حتى تلك غير البنَّاءة.
- الاحتفال بنجاحات الآخرين: نحن نحتاج إلى أن نكون جزءاً من المجتمع لكي نتمكن من النمو والتطور؛ حيثلا يمكِننا الانعزال عن الآخرين؛ لذلك ابدأ في دعم نجاحات الآخرين لأنَّها لن تؤثر في نجاحك، وعندما يحين وقتك للتألق، سيحتفلون معك.
3. تطوير قاعدة معرفية واسعة:
"من الهام تخيُّل المعرفة كشجرة؛ فاحرص على فهم المبادئ الأساسية التي تشكل جذعها وفروعها الكبيرة قبل الانتقال إلى التفاصيل والتي هي الأوراق التي لن يكون لها من دون الفروع شيءٌ تتعلق عليه".
يقول شقيق "ماسك": "اعتاد "ماسك" قراءة كتابين يومياً منذ سن مبكرة". بمعنىً آخر؛ إنَّه يُفضِّل تلقِّي الكثير من المعرفة، وقد أدى ذلك إلى فهم العديد من العلوم فهماً واسعاً بما في ذلك الفيزياء، والرياضيات، والهندسة، وعلوم الكمبيوتر.
من أروع الاقتباسات التي يتحدث فيها "ماسك" واصفاً العلوم: "من الهام تخيُّل المعرفة كشجرة؛ فاحرص على فهم المبادئ الأساسية التي تشكل جذعها وفروعها الكبيرة قبل الانتقال إلى التفاصيل والتي هي الأوراق التي لن يكون لها من دون الفروع شيءٌ تتعلق عليه".
يحاول ماسك باستمرار التعلم من الأشخاص المحيطين به، والذين يمتلكون اطلاعاً أوسع على موضوعٍ معيَّن، حتى عندما يقوم بإدارة شركاته، وقد ورد في أحد الكتب الاقتباس التالي: "لقد كان "إيلون" على وشك محاصرة مهندس في مصنع سبيس إكس (SpaceX) والبدء في استجوابه حول نوع من الصمامات أو المواد المتخصصة، ويقول "كيفن بروغان" (Kevin Brogan)، أحد المهندسين القدامى في المصنع: "اعتقدتُ في البداية أنَّه كان يتحداني لمعرفة فيما إذا كنتُ أعرف ما أقوم به، ثمَّ أدركتُ أنَّه كان يحاول تعلُّم الأمور، وسيختبرك حتى يتعلم 90% مما تعرفه".
طوَّر ماسك على مر السنين، مهارات على شكل حرف تي (T) (T-shaped skills)، (تشير المهارات على شكل حرف T إلى نوع خاص من الصفات التي تجعل الشخص ذا قيمة، وهي استعارة تُستخدَم في التوظيف الوظيفي لوصف قدرات الأشخاص في القوة العاملة)، والتي تعني الكثير من المعرفة في مجال معيَّن وكمية كبيرة من المعرفة في مجالات أخرى كثيرة، ولقد سمح له هذا الأمر بأن يكون على مستوىً عالمي في مجال واحد (وهو مجال الأعمال التجارية)، ولكنَّه استخدم معرفته الواسعة في الابتكار، وإيجاد حلول مختلفة، وزيادة الإبداع، والتعاون مع الخبراء في مجالات أخرى استخداماً فاعلاً.
لتطبيق سر الإنتاجية هذا:
لنبدأ بمثال عملي: لنفترض أنَّك تريد أن تكون بصحة جيدة، ولكي يكون جسدك صحيَّاً، لن تكفي ممارسة التمرينات الرياضية لوحدها؛ وإنَّما أنت بحاجة إلى معرفة الكثير من المهارات، حيث تحتاج إلى تعلُّم أساسيات اتباع نظام غذائي جيد، وكيف تبني عضلات، والمرونة، وتمرينات الكارديو المختلفة، وغيرها.
عندما يكون لديك معرفة واسعة في مجال معيَّن مثل الرياضة، فستكون قد طوَّرتَ معرفةً واسعة في العديد من المجالات الأخرى أيضاً، والتي تشكل أساس التمتع بالصحة، وهذه هي طريقة المهارات على شكل حرف تي (T).
على سبيل المثال: دعونا نلقي نظرةً على شخص يعمل في مجال التسويق أو التطوير والنمو، حيث يمتلك هذا الشخص معرفةً عميقة بطرائق وأساليب الوصول إلى المواقع التي يريدها مثل: تحسين محركات البحث (SEO)، والدفع عند النقر (أحد نماذج الإعلان عبر الإنترنت المستخدمة لتوجيه الزيارات نحو المواقع) (PPC)، والحلقات الفيروسية (viral loops)، كما يمتلك معرفةً واسعة بموضوعات أخرى مثل: الإحصاء وأمور البرمجة ومبادئ التصميم وكتابة الإعلانات.
نُقدِّم لك فيما يلي الطريقة التي يمكِنك فيها تطوير مهارات على شكل حرف T ضمن مجالك:
- ارسم حرف (T)، واذكر المهارات الأساسية والثانوية والمعرفة الأساسية، وخذ نموذجاً لشخص ناجح في مجالك واستفِد من خبراته.
- الآن، حدِّد مستواك في كل من هذه المجالات.
- حسِّن خبراتك العميقة من خلال قراءة الكتب والانضمام إلى دورات والقراءة عن مجال عملك والتعلم من الآخرين.
- قيِّم نفسك باستمرار، وعدِّل طريقة تعلُّمك لتتناسب مع شكل الحرف.
سر إضافي، "الاستحمام":
عندما سأل أحدهم "ماسك" في مقابلة: "ما هي العادة اليومية التي تعتقد أنَّ لها أكبر تأثير إيجابي في حياتك؟" أجاب ببساطة: "الاستحمام".
في مقابلة أخرى، اعترفَ "ماسك" بأنَّ الحمام هو المكان الذي يخرج فيه عادةً بأفضل الأفكار.
وسر الإنتاجية من الاستحمام هو أنَّ عقلك يعمل طوال الليل محاولاً التوصل إلى حلول لكافة الأمور؛ حيث يستغرق الأمر بضع دقائق حتى يستعيد عقلك نشاطه وتركيزه ويمكِن أن يحدث ذلك في أثناء الاستحمام، ممَّا يساعدك على رؤية التحديات بمزيد من الوضوح.
كما أنَّه يوفر لك وقتاً هادئاً للتفكير مباشرة بعد تنشيط دماغك، ويمكِنك استخدامه للتخطيط لليوم التالي أو التفكير في حلول للمشكلات التي قد تواجهها.
"أعتقد أنَّه من الممكن للناس العاديين أن يختاروا أن يكونوا غير عاديين". - إيلون ماسك (Elon Musk).
الخلاصة:
لقد تحدَّثنا في هذا المقال بجزأيه عن 10 أسرار للإنتاجية لإيلون ماسك، وتعمقنا بالشرح، وذكرنا العديد من الأمثلة لمساعدتك على فهم الأفكار بطريقة سهلة وواضحة. فابدأ بتطبيق هذه الأسرار في حياتك الشخصية والمهنية ولاحِظ التغير المدهش الذي سيَحدث معك.
أضف تعليقاً