لكن ليس عليك أن تحكم على الناس بهذا الأسلوب؛ وإنَّما تأمَّل في نوعية أسئلتهم، وهذا ما تؤكِّده مقولة فولتير (Voltaire) الشهيرة: "احكم على الإنسان من خلال أسئلته لا من خلال أجوبته".
يقول أحد المستشارين في إحدى الشركات الاستشارية الكبرى: إنَّ وظيفته تنطوي على التظاهر بالجهل؛ وهو بذلك يشير "لبيتر دراكر" (Peter Drucker) الذي يُعدُّ من أبرز مستشاري الإدارة على الإطلاق، والذي قال ذات مرة: "إنَّ أبرز نقاط قوتي بوصفي مستشاراً هو أن أكون جاهلاً وأسأل بضعة أسئلة"؛ فإنَّ طرح السؤال المناسب في الوقت المناسب يمكن أن يدلَّك على جواب من شأنه تغيير حياتك.
يبحث هذا المقال في أسلوب طرح الأسئلة، وبناءً عليه إليك 21 سؤال في أربعة مجالات لها القدرة على تغيير مسار حياتك:
الحياة في العموم:
لنبدأ ببعض الأسئلة التي يُجاوَب عنها بـ "نعم/لا" لتقييم شعورك، يمكنك أن تدرج هذه الأسئلة في تطبيق الملاحظات لتطلع عليها بين الحين والآخر وتجيب عشوائياً على قسم منها، أو أن تجيب على الأسئلة جميعها بانتظام ووفق ترتيبٍ زمنيٍّ محدد.
- هل أنا سعيد؟
- هل أنا ممتن؟
- هل أحب عملي؟
- هل أنا بخير؟
- هل أمضي وقتاً كافياً في التعلم؟
ما يجعل هذه الأسئلة هامة هو أنَّك سترغب في تعديل استراتيجيتك إذا أجبت بالنفي عن إحداها، فكثيراً ما نمضي في حياتنا بؤساء وجاحدين ومتعبين لوقت طويل؛ لذلك علينا أن نعترف بوجود المشكلات في حياتنا بوصفها خطوة أولى، ثم نبحث عن الحلِّ.
لا يتعلق الأمر بك فحسب؛ لأنَّك بسعادتك ومزاجك الجيد تسهم في رفع معنويات الناس من حولك؛ ومن ثَمَّ فإنَّ معالجة سعادتك الشخصية تجعل شريكك وعائلتك والآخرين سعداء؛ لذا انظر لهذه الأسئلة الخمسة على أنَّها تقييم سريع فكن صادقاً وفكِّر بشعورك؛ إذ يُقال إنَّ من يفكر بذاته هو شخص أناني، وأنَّنا سنحصل على عالم أناني إذا تصرف الجميع بهذه الطريقة، لكن هذه وجهة نظر محدودة وجاهلة.
عندما تعتني بنفسك وتحرص على سعادتك؛ فإنَّك ستعيش حياة طيبة لن تعر بالغيرة فيها من الآخرين، وستبقى مبتسماً طيلة الوقت، والأهم من ذلك سيكون لديك مزيد من الوقت والطاقة لتساعد الآخرين؛ فالنجاح يولِّد مزيداً من النجاح والبؤس يقود إلى مزيد من البؤس.
الحياة المهنية:
لننتقل إلى جانب هام في حياتنا، نحن نمضي معظم ساعات اليقظة في العمل؛ لذلك من الضروري أن نكون راضين عن عملنا، وفي الواقع إنَّ قيامك بعمل تستمتع به أهم من عوامل أخرى تتعلق بالدخل والسلامة والموارد والموقع وغيرها؛ لهذا السبب يجب أن نسأل أنفسنا بين الحين والآخر:
1. ما هي الأشياء الجديدة التي أتعلمها؟
هذا الأمر هام للغاية؛ لأنَّنا عندما نتعلم فإنَّنا نتقدم ونتطور وبالنتيجة نشعر بأنَّنا بخير.
2. في أيِّ اتجاه تسير حياتي المهنية؟
يجب أن يكون لديك تصور أو رؤية مستقبلية، فإذا لم يكن لديك، فابتكر واحدة.
شاهد بالفيديو: 15 درس في الحياة لا تقدمها لك المدرسة
3. هل عملي مفيد؟
أريد أن أشعر بالرضى حيال عملي في نهاية اليوم.
4. ما هي الأشياء التي يمكن أن أفعلها وأنا لا أقوم بها؟
يجب أن نكون في بحث دائم عن مهام في المكتب والمنزل؛ لأنَّها الطريقة التي نتعلم بها أموراً جديدة.
5. كيف أصبح أفضل في عملي؟
عندما تتقدم في عملك، فإنَّك تترك أثراً كبيراً وتصبح ماهراً في حلِّ المشكلات ممَّا يمنحك مزيداً من الرضى والمدخول المادي.
الأعمال:
يمكنك بالتأكيد أن تجمع رأس مال أو تحصل على قرض؛ لكنَّك يجب أن تكون قادراً على كسب المال من عملك دائماً، وإلا فإنَّه ليس بعمل؛ وإنَّما هواية.
لنحرص على تحقيق الإيرادات، نسأل ما يأتي:
1. ما هي أبرز مشكلات وشكاوى عملائنا و/ أو زبائننا؟
جوهر أيِّ عمل هو حلُّ مشكلات فعلية تعانيها شركات أخرى وأشخاصٌ آخرون.
2. ما هو الحل المثالي في نظر عملائنا/ زبائننا؟
قدِّم للناس ما يرغبون فيه تماماً.
3. كيف نزيد من قيمة خدماتنا وجودتها من دون زيادة أسعارنا؟
أن نقدم أكثر من المطلوب أو المتوقع.
4. كيف يمكننا إيجاد عملائنا/ زبائننا المحتملين وأين؟
اذهب واقترب من جمهورك، ولا تنتظر أن يبحثوا عنك.
5. كيف نقلِّل من النفقات؟
دائماً ما ندير عملنا التجاري بنفقات منخفضة، ونفاوض على أسعار كلِّ شيء حتى الأشياء البسيطة مثل تجهيزات المكتب، فهذا أفضل لنا ولعملائنا.
الإنتاجية:
تبدو الأفكار التي ناقشناها آنفاً مجدية من الناحية النظرية، إلا أنَّها لا تساوي شيئاً ما لم تدخل حيز التنفيذ، ومهارتنا في التنفيذ هي التي تُحدث فرقاً، يمكن للأسئلة الآتية أن تساعدك على فهم الأمور:
1. ما هي أهم أولوياتي حالياً؟
2. كيف يمكنني إنجاز أهم أولوية لدي بسرعة؟
ليس الأمر نابعاً من قلة الصبر؛ وإنَّما من الجيد ابتكار طرائق إبداعية للحصول على النتائج بسرعة أكبر.
3. ما هي المهام التي ينبغي أن أتوقف عن عملها؟
جميعنا نهدر الوقت؛ لذلك عليك تحديد المهام المستنزفة للوقت وإيقافها.
4. ما هي المهام التي أقوم بتأجيلها؟
استثمر الوقت الذي ستوفره من الإجابة عن الأسئلة السابقة في إنجاز المهام التي تؤجلها، فنحن نتجنب أحياناً إنجاز الواجبات الهامة التي ينبغي أن نقوم بها.
5. ما هي الأسئلة التي لا أطرحها على نفسي؟
توجد أمور كثيرة نجهلها عن الكون؛ لذا حاول دائماً أن تستكشف المجهول وتتبنى عقلية منفتحة.
توجد أسئلة عديدة لا نطرحها على أنفسنا، وبالنتيجة فإنَّنا نشكك ونسأل عن كلِّ شيء طوال الوقت، إلا أنَّنا متأكدون من شيء واحد وهو أنَّ معنى الحياة يتجسد من خلال العطاء، ولهذا السبب يمكن أن نختتم بهذا السؤال:
6. كيف يمكنني أن أساعد شخصاً اليوم؟
يمكن لبادرة بسيطة أن تفي بالغرض مثل الاتصال بفرد من عائلتك أو محاولة إسعاد صديق؛ لذا ابدأ بمساعدة الناس من حولك ثم اطلب منهم بالمقابل مساعدة شخص آخر، كما ترى إنَّ الأمر برمته يبدأ من خلال الأسئلة، ولا تتعجب أن تحصل على كلِّ ما تريده، فكما قالت الناشطة والشاعرة مايا أنجلو (Maya Angelou) ذات مرة: " اطلب ما تشاء، وكن جاهزاً للحصول عليه".
أضف تعليقاً