وتعرف على أنها تلك العمليات التي تتوسط عملية ترجمة المنهاج الرسمي إلى منهاج فعلي، وهي عملية تتوسط ما بين التخطيط والتقويم وترتبط بها ولا يمكن فصلها عنهما، فهي ملازمة لها أي تصاحب استراتيجيات التخطيط والتقويم وطرائقهما.
وسيتم الحديث عن ثلاث استراتيجيات لتنفيذ المنهاج هي:
1- الاستراتيجية المركزية(من أعلى إلى أسفل(
2- الاستراتيجية اللامركزية(من أسفل إلى أعلى(
3- استراتيجية الدمج(الاستراتيجية التشاركية(
أولاً: الاستراتيجية المركزية(من أعلى إلى أسفل(
تركز هذه الاستراتيجية على الأمور الجامعة وعلى قدر مشترك من التعليم عند الجميع لتكوين رأي واحد مشترك عندهم مع التركيز على الثوابت والقيم الوطنية أو القومية.
ويرى أصحاب هذه الاستراتيجية أن المعلمين غير ناضجين وأن المدارس لا تمتلك الكفايات اللازمة لوضع مثل هذه المناهج ولذلك لابد للإدارات العليا والخبراء من وضع هذه المناهج، فهم الأكفأ والأقدر على ذلك. بالتالي يكون هناك منهاج واحد ملزم لجميع المدارس لتدريسه، حيث يقوم فريق متخصص من ذوي الخبرات والعلاقات في التدريس بتأليف المنهاج، وقد تمنح المعلمين فرصاً لإبداء آرائهم حول المنهاج لتعديله.
ومن أشهر النماذج التي تتبنى هذه الاستراتيجية نموذج البحث والتطوير والنشر : (The Research. Development, and Diffusion(R,D & D)):
ويتمثل هذا النموذج في وجود مجموعة من العمليات المتلاحقة والتي يتم من خلالها عمل تغيير وتطوير للمنهاج وضمان وصوله للميدان، وتتمثل هذه العمليات ب(البحث، التطوير، النشر(
1- البحث(Research): ويقصد بها أن عملية التطوير والتنفيذ مرتبطة بالأبحاث التي يقوم بها الخبراء في المناهج كأساتذة الجامعات، دون مشاركة المعلمين والطلاب، ووفق هذه الأبحاث يحدث التطوير والتغيير. وهذه الأبحاث مثل: دور التكنولوجيا، التعليم القائمعلى الكفايات، التعليم المبرمج، الاقتصاد المعرفي، تحسين الممارسات التعليمية،...
2- التطوير(Development): ويقصد بها تطبيق هذه النتائج البحثية على إنتاج المواد التي تتضمن مناهجاً جديدة.
3- النشر(Diffusion): ويقصد بالنشر القيام بتوزيع المناهج الجديدة وإيصالها إلى كل من المعلمين والطلاب، وقد تبدأ كمرحلة تجريبية ثم تعمم على كل المدارس والبعض يقوم بتوزيعها على جميع المدارس في وقت واحد.
4- التبني(Adaptation): ويتبع الخطوات الثلاث السابقة مهمة رابعة هي عملية التبني والتي تعني الاستخدام الفعلي للمواد من قبل المعلمين ودمج المساقات الجديدة في منهاج المدرسة.
والمتمعن في الخطوات السابقة يجد أن هذه الاستراتيجية تقوم على أساس المنظور السلوكي، حيث أخذ هذا المنظور من الافتراضات السلوكية حول المتعلم وعملية التعليم، والافتراضات السلوكية حول المعلمين الذين يعتقدون بأنهم هم أنفسهم متعلمون أيضاً، وأن عملية تغيير المنهاج من المتوقع أن تؤدي إلى قيام المعلمين فيها بتعلم سلوكيات جديدة. إن كل هذه المحاولات تهدف إلى تغيير سلوك الأفراد والتي تعتبر بدورها أنهم متلقون للتغيير وليسوا مساهمين فيه. وعلى ضوء ذلك فإن تقويم مدى نجاح هذه العملية(أي عملية التغيير) تقوم من خلال مقارنة الأهداف التي وضعها المطورون مع المخرجات، فإذا كانت المخرجات جيدة دل ذلك على نجاح عملية التغيير والعكس صحيح. من هنا يتم تقويم الطلاب من خلال الامتحانات البعدية والقبلية، وتدريب المعلمين على المهارات الضرورية للتنفيذ.
حسنات هذه الاستراتيجية:
1- نقل التراث.
2- تنظيم المنهاج على أساس منطقي.
3- سهولة البناء(تنفيذه سهل(
4- الدقة في الإعداد بسبب التركيز على المحتوى(الدقة العلمية(
5- التعليم للجميع وبتوجيه وقيادة من وزارة التربية والتعليم.
عيوب هذه الاستراتيجية:
1- تفترض هذه الاستراتيجية أن هناك اتفاق حول أهداف وحاجات ومشاكل التربية.
2- لا تراعي الفروق الفردية.
3- لا تشترك جميع الأطراف المعنية بعملية التطوير(معلم، طالب، ولي الأمر(
4- تعتمد الترتيب الخطي لعملياته(بحث – تطوير – نشر) ثم استخدام . مما لا يتيح للتربويين مرونة في التعامل وفي طريقة التنفيذ.
5- يقوم بتطوير المناهج خبراء في معزل عن الميدان وواقع المدارس والطلاب والمعلمين.
6- تركز هذه الاستراتيجية على الختبارات وتدريب المعلمين فقط.
7- استراتيجية سلوكية تعتقد أن التغيير يأتي من الخارج.
8- يركز على المعرفة على حساب جوانب أخرى مهمة.
ثانياً: الاستراتيجية اللامركزية(من أسفل إلى أعلى(
تركز هذه الاستراتيجية على المعلم، حبث أنه هو الذي يرعى اهتمامات الطلاب ومتطلباتهم، وميواهم، واحتياجاتهم، ويقصد بها أن المعلم هو حجر الزاوية لعملية التعلم، وهو الذي يعرف الطلاب ويشخصهم، كما أنه الوحيد الذي يراعي مستويات فروقهم الفردية، ويعمل على رسم البرامج العلاجية لطلابه الضعاف، ويسهم في وضع حلول لها.
من هنا يحدد المعلم حاجات طلابه وميولهم واتجاهاتهم واهتماماتهم، ويضع خطته لوضع منهاج جديد يراعي هذه الحاجات ومن ثم يصمم المنهاج ويضع خبراته ونشاطاته، وينفذه في المدرسة، وقد يستعين ويستشير معلمين آخرين لمساعدته في وضع أهدافه ودراسة حاجات الطلاب وموازنتها بإمكانيات المدرسة.
أي أن هذه الاستراتيجية تبدأ من أسفل إلى أعلى من خلال العاملين في المدرسة للنظر في المنهاج من خلال تفاعل المعلم مع المعلمين الآخرين، وتشكيل شبكة من التغيرات على شكل معلملمعلم، ومن الأمثلة على استراتيجية من أسفل إلى أعلى:
أ) الاستراتيجية التطويرية التكافلية:
والهدف منها هو توجيه الاهتمامات المباشرة للمعلمين وبعد ذلك للتحرك بها خارج الغرفة الصفية من أجل إعادة تنظيم النظام المدرسي، وذلك من أجل إزالة الضبابية والخوف من التغيير.
وهذا النموذج يشجع المعلمين في البدء على الانخراط بالاهتمامات التي يواجهونها من خلال :
1- التعريف بمشاكل المعلمين.
2- دراسة أسباب الصعوبات من خلال استخدام أسلوب التحليل لبيانات المعلمين وتكامل النظرية مع عملية التحليل للمشاكل، والعمليات المتعاقبة تبدأ من تدبير أعضاء التدريس أمرهم مع التغيير عن طريق:
- التحدث عن سبب التغيير.
- ظهور العقبات، فيصبح هناك اضطراب لدى المعلمين وشعور بالضغط للقيام بالعمل.
3- تبرير التغيير.
4- يبدأ المعلمون بطرح الأسئلة من الافتراضات حول مدى العلاقة بين المنهاج والطلاب.
ب) استراتيجية المعلم كعنصرر تغيير:
يكون عمل المعلم هنا قائم على تطوير التجديد وتنقيحه من أجل التعلم الصفي الجيد من خلال التخطيط لوحدات دراسية، وتتاح فرصة للتحاور من أجل إدخال تحسين وتعديل على هذه الوحدات، ومن ثم يمكن للمعلم من خلال زيارة المدارس ميدانياً نشر الأفكار وتلقي التقدير والملاحظات للاعترافبها من قبل اللجان البحثية، وهذا يصبح دلالة على النجاح والتغيير (من أسفل إلى أعلى(
حسنات هذه الاستراتيجية:
1- تراعي حاجات وميول الطلاب.
2- تراعي الفروق الفردية.
3- تشرك الطلاب والمعلمين وأولياء الأمور في تنفيذ المنهاج والتخطيط له.
4- يسها تبني المنهاج من قبل المعلم لأنه هو من وضعه أو شارك في وضعه.
5- التغيير داخلي (منالمدرسة نفسها(
6- ارتباطه مع الحياة الواقعية للطالب والمعلم والمدرسة.
7- يتصف المنهاج بالمرونة.
8- يراعي جوانب إنسانية وانفعالية إضافة إلى الجوانب المعرفية.
9- يمتاز تنظيمه بالعمل التعاوني والتخطيط المشترك.
عيوب هذه الاستراتيجية:
1- يصعب أحياناًَ تحديد الحاجات المناسبة للمتعلم فهي تحتاج إلى دراسات علمية لتحديد حاجات هؤلاء الطلاب لتوفيرها لهم.
2- يحتاج تنفيذه إلى وجود إمكانيات مادية.
3- يحتاج تنفيذه لوجود جدول دراسي مرن لا يتقيد بوقت الحصة العادية.
4- يحتاج تنفيذه إلى معلمين وإداريين لديهم إعداد خاص.
5- يحتاج تنفيذه إلى توفير طلاب لديهم الرغبة في البحث والعمل الجاد وتحمل المسؤولية.
ثالثاً: استراتيجية الدمج(الاستراتيجية التشاركية(
تضع فيها السلطة المركزية الخطوط العريضة للمنهاج وتحدد فيها الثوابت والقيم والمعتقدات،... وتترك المجال مفتوحاً أمام المناطق والمديريات التعليمية والمدارس في اختيار ما يناسبها من مواد تعليمية ومنهجية، بشرط أن تخدم الخطوط العريضة العامة.
ومن الاستراتيجيات التي تنادي بالدمج استراتيجية كبلر:
أ) وضع أهداف الدرس المرتبطة بالإطار العام(الخطوط العريضة(
ب) عمل تقييم قبل الدرس لمعرفة حاجات الطلاب وتعلمهمالقبلي.
ج) إجراءات التدريس وتشمل:
1- التحضير للتدريس والتعليم.
2- تحفيز التعلم.
3- تهيئة استخدام وسائل وطرق التدريس.
4- وسائل وطرائق مشاركة الطلاب في الأنشطة والتعلم.
5- وسائل وطرائق التوجيه وإدارة التعلم.
6- وسائل وطرائق التطبيق(ممارسة الطلاب للمادة(
7- وسائل وطرائق التغذية الراجعة.
8- وسائل وطرائق الاستجابة للفروق الفردية.
9- التفاعل الاجتماعي.
د) تقويم فعالية التدريس وتحسينه.
مبررات استراتيجية الدمج:
1- تراعي حاجات الطلاب وميولهم واهتماماتهم.
2- هناك قدر عام من التعلم للجميع تحدده السلطات العليا.
3- إشراك جميع أطراف العملية التربوية في وضع المنهاج وتنفيذه.
4- تراعي الفروق الفردية بين الطلاب.
5- سهولة تبني الطلاب والمعلمين للتغيير في المناهج.
6- منهاج يتصف بالمرونة.
7- يراعي جوانب إنسانية وانفعالية ووجدانية بالإضافة إلى الاهتمام بالمعرفة.
8- وجود أكثر من طريقة للتقويم.
9- إتاحة اتلفرصة لجميع الطلاب بقدر معين من الخبرات المشتركة.
10- في هذا النوع من الاستراتيجيات يوجد برنامج عام مشترك لجميع الطلاب بالإضافة إلى برنامج خاص لكل طالب(خطط علاجية(
11- تعتمد هذه الاستراتيجية مناهجاً سيكولوجية تعتمد أسلوب حل المشكلات.
12- يوظف المعرفة ويربطها بالحياة.
13- يقوم على خبرات يمر بها الطلاب وتشجيع حاجاتهم وتنمي اهتماماتهم وميولهم وبالتالي يتضمن تحصيل المعلومات والحقائق.
ومجمل القول يبرر التأكيد على دمج الاستراتيجية المركزية مع الاستراتيجية اللامركزية، أن فيعملية دمجهما الأخذ بإيجابيات كل استراتيجية والابتعاد عن عيوبها ما أمكن.
المصدر: موقع عبدالله بن صالح المقبل
أضف تعليقاً