ومن هذا المنطلق فإن الوالدين المستنيرين يحرصان على استمرار العلاقة السوية بينهما ، وعلى عدم مناقشة الخلافات الحادة بينهما على مرأى ومسمع من أبنائهما ، كما أن الأبناء بدورهم يتألمون جداً إذا شعروا بوجود خلافات بين الام والأب ، وهم لا يتقبلون مجرد التفكير في مسألة الانفصال بين هذين الحبيبين إليهم العزيزين عليهم مهما كانت الأسباب والمبررات مقنعة . فما هي الأسباب التي تؤدي إلى انفصال الزوجين ، وكيف السبيل لمواجهتها أو التخفيف من آثارها ؟
أسباب الطلاق :
أثبتت البحوث والدراسات التي أجريت حول هذه المسألة أن من أبرز الأسباب التي تؤدي على الطلاق ما يأتي ( المالح 1997) :
ـ ضعف الوازع الخلقي لدى أحد الزوجين أو لديهما معا .
ـ اختلاف الطباع والأمزجة بين الزوجين بصورة حادة يصعب معها التفاهم .
ـ توتر العلاقة الزوجية بسبب الغيرة أو الشك أو المال أو تدخل الأهل في شؤون الزوجين .
ـ عدم التفاهم بسبب صغر السن أو قلة الخبرة .
ـ عدم اهتمام أحد الزوجين أوكيلهما بإشباع رغبات الآخر ومراعاة مشاعره ، مما يترتب عليه النفور منه والبحث عن بديل عنه .
ـ فتور الحب بين الزوجين نظراً لعوامل مختلفة .
ـ الميل إلى السيطرة من قبل الزوج وعناد الزوجة ورفضها لهيمنة الزوج .
ـ الاقتران بامرأة مطلقة ، وعلى وجه الخصوص بذات الأولاد من زوج سابق .
ـ الخيانة الزوجية ( وعلى وجه الخصوص من قبل الزوجة ، لما قد يترتب على ذلك من المفاسد ، كاختلاط الأنساب مثلا ) .
ـ المال الوافر وما قد يترتب عليه من السعي لإشباع الملذات دون النظر في العواقب.
ـ أنانية الزوج أو الزوجة ، وميل أحدهما لتغليب رغباته على مصلحة الأسرة وتماسكها .
ـ المرض النفسي الناجم عن التربية المنحرفة في الأسرة .
ـ العصبية الزائدة والتسرع في اتخاذ القرار دون تروي أو دراسة .
ـ عدم قدرة الزوج على تحمل مسؤولية الأنفاق على الأسرة .
ـ عدم تحديد المسؤوليات والأدوار بواقعية .
ـ التفكير الخرافي الذي يسيطر على عقول بعض الناس كالأيمان بالسحر الذي يحول بين الرجل وبين قيامه بواجباته الجنسية .
الآثار السلبية التي قد تترتب على الطلاق :
يترتب على أنفصال الزوجين العديد من الآثار التي قد ينجم عنها آثار وخيمة ،ومن ابرز هذه الآثار :
ـ انهيار الأسرة ، أو تمزقها ، فيلحق بعض الأبناء بالأب ، بينما ينحاز الآخرون وخصوصا البنات إلى الأم.
ـ كراهية الأطفال للبيت والميل إلى الخروج من هذه البيئة غير الآمنة .
ـ الاكتئاب والحزن والانطواء على النفس .
ـ الشعور بالقلق والاضطراب والإحباط وعدم وضوح الرؤية .
يقول الدكتور محمد عبد الرحيم عدس (1995) : " إن الانفصال يترك عند الطفل صورة مهزوزة عن الوفاء والحب والالتزام به ما دام واقع الأبوين يعكس صورة مغايرة لمفهوم ذلك . ولا داعي للتخفيف عنه ، بأن نقول له بأن أبويه يحبانه ويعطفان عليه ، لأنه يسأل كرد فعل لذلك ، ولماذا غادرا البيت وتركاني ؟ وسيظل هذا يتردد في خاطره فيحاول إثارة المشكلة ، ويكرر السؤال مهما حاولنا منعه من ذلك ، فهو يريد جوابا شافيا يبعث في نفسه الأمن والسكينة ، ويطرد عنه الهم والقلق " .
الوقاية خير من العلاج :
إن الزوجين اللذين يدركان الآثار المدمرة للطلاق على مستقبل أبنائهم يتجملان بالصبر ، ويحرصان على كل ما من شأنه أن يحفظ بيتهما من الدمار ، ويعينهما على ذلك :
ـ التمسك بالقيم والتحلي بفضائل الأخلاق .
ـ الابتعاد عن الظن السيء ومواطن الشبهات .
ـ تعزيز الثقة المتبادلة بين الزوجين .
ـ الرحلات السياحية للترفيه عن النفس أن أمكن ذلك .
ـ ضبط النفس وعدم التسرع واللجوء إلى الحوار والإقناع بالحجة .
ـ رقة الحديث وانتقاء الألفاظ التي توحي بالود وتشعر وبالاحترام .
التعامل مع الآثار التي تترتب على الطلاق :
إذا حلت الكارثة بالأسرة ووقع الطلاق بين الزوجين فإن مهمة تخفيف آثاره على نفس الطفل تقع على عاتق الأقارب والمعلمين ، ويتحقق هذا الهدف بالاجراءت الآتية :
ـ الإنصات للطفل وإفساح المجال أمامه ليتحدث بحرية من أجل تمكينه من إفراغ الشحنات التي تعتمل في داخلة لكي لا تتحول إلى انحرافات .
ـ عدم ترك الطفل وحيداً ، وإنما تعويضه بفيض من حنان الطرف المتبقي لدية .
ـ إحاطته بنخبة من أحب أصدقائه إليه .
ـ التقرب إلى الطفل ، ومحاولة فهم مكنون شعوره لتفريج كربه وتحرير نفسه مما يثقلها من هموم وأحزان .
الخاتمــــــــة :
فإذا استطاعت الأسرة والمدرسة احتضان الطفل ، وعدم تركه فريسة لهمومه وأحزانه والعمل الدائب لتعويضه عن الحب الذي فقده ، فإنها تكون بذلك قد أهلته للقيام بدوره في الحياة ، وجنبته ردود الأفعال التي يترتب عليها مشكلات قد تهدم مستقبله .
ومهما تكن المشكلات التي تترتب على انفصال الزوجين كبيرة ومعقدة إلا أن الانفصال ليس في جميع الحالات سيئاً ، فحيث إن الأطفال يقتدون بآبائهم في أفعالهم وأقوالهم ، فإن غياب الأب السيء أو الأم السيئة قد يكون في بعض الأحيان أقل ضرراً من وجودهما معاً .
الآثار السلبية لانفصال الوالدين على الأبناء
أضف تعليقاً