و تم تصنيفه على أساس آخر إلى ثلاثة أنواع هي: العنف النفسي والعنف اللفظي والعنف الجسمي. سنتناول في بحثنا هذا العنف اللفظي أو " الإساءة اللفظية ". إن الإساءة اللفظية التي تتضمن الازدراء والسخرية والاستهزاء والسباب من قبل الوالدين للأطفال والشباب المراهقين كفيلة بأن تحدد ملامح أساسية في شخصياتهم وتؤثر لدى الكثير منهم في رفع الروح العدوانية، فالتنشئة الاجتماعية المنزلية المبنية على الذم والسباب.. الخ، تحفز ظهور الروح العدوانية المكبوتة لدى الطفل لتثير فيه العنف والحقد والكراهية واستخدام القوة للرد من أجل رفع القهر الناتج عن هذا الاستهزاء، إذ تشير العديد من التقارير المدرسية بأن أكثر المشاكل العنيفة بين الطلاب كانت بسبب السخرية والاستهزاء وتسلط الكبار على الصغار كما تذكر تقارير من اليابان بأن هذا القهر الناتج عن الاستهزاء أدى إلى انتحار تسعة طلاب دون الرابعة عشرة من العمر في العام 1985م كان أحدهم فتى هادئاً وديعاً، كما تشير الدراسات التربوية المدرسية إلى أن نسبة 85% من الصراعات الطلابية العدوانية ترجع إلى كل من الاستفزاز والسخرية والتربية أو التنشئة المنزلية غير السوية. إن الإساءة اللفظية لا تتوقف عند السخرية والاستهزاء بل تتعدى ذلك لتأخذ أشكالاً أخرى متعددة من عدم المساواة الشخصية والنبذ الاجتماعي واغتصاب الحقوق وعدم العدالة في بعض المواقف. خلفية تاريخية عن الإساءة للأطفال
تعتبر ظاهرة الإساءة للأطفال من أخطر الظواهر التي تقف في وجه تقدم المجتمع وتهدد تماسكه من كونها تنشئة اجتماعية غير صحية وخاطئة لذلك توجهت الأنظار من أجل العمل على إيجاد نظام لحماية الأطفال خاصة وأن تاريخ الطفولة يعتبر مظلماً منذ قرون، حيث سادت أشكال القتل والتعذيب تلك العصور.
من تلك الأشكال أن حدد في القرن السابع عشر قانون فرنسي يسمح للأب بقتل أولاده مما يدل على أن الطفل لم يكن موضوعاً ذا أهمية خاصة، وإن إباحة القتل كانت تتعلق بالأطفال الشاذين أو المعاقين أو كثيري الصراخ، كما كانت ظاهرة بيع الأطفال للأغنياء مقابل الحصول على ثمنهم منتشرة، كذلك ظاهرة استغلال الأطفال في العمل. بدأت محاولة التغيير في وضع الأطفال في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر ويظهر أوضح إنجاز عام 1899 عندما استطاع الاتحاد النسوي لسيدات ولاية الينوي الأمريكية الحصول على موافقة الحكومة المحلية في إنشاء محكمة خاصة بالأحداث.
و رغم قدر الإساءة التي تعرض لها الأطفال عبر التاريخ، إلا أن الاهتمام بهم وجد حديثاً حيث بدأ طبيب أخصائي أمريكي أخصائي أشعة يدعى كافيه عام 1964 بالتحدث عن الإساءة الجسدية للأطفال من خلال وصف حالات نزيف دماغي وكسور عظام كان يقوم بتصويرها أثناء عمله. أما الدراسات التي تتحدث عن آثار الإساءة اللفظية على نفسية الطفل فهي قليلة بشكل عام ومن أوائل هذه الدراسات دراسة ني عام (1988). (الشقيرات، المصري. ص 7)
مشكلة البحث
أثبتت الدراسات أن أشكال الإساءة للطفل لا تحدث مستقلة عن بعضها البعض إلا بنسب قليلة من الحالات، والأغلب أنها تحدث بالتسلسل , فقد وجد أن الإساءة اللفظية يتبعها عادة إهمال عاطفي، كما أن الإساءة اللفظية مرتبطة بشكل عالٍ بالإساءة البدنية. (الشقيرات، المصري. 11) وتتحدث الدراسات والمراجع أن الإساءة اللفظية للطفل تزداد أو تنقص باختلاف متغيرات معينة تتعلق بالأسرة والبيئة الاجتماعية والاقتصادية وأمور أخرى. من هنا انطلقت الباحثة في تحديد المشكلة التي تتجلى في التعرف على عدد من المتغيرات التي يعتقد أنها ترتبط بما يلاقيه الطفل من إساءة لفظية.
أهمية البحث
تنبع أهمية البحث من أهمية دور الطفل المستقبلي في المجتمع وأهمية تمتعه بالصحة النفسية حتى يستطيع ممارسة دوره بشكل فعال ومفيد للمجتمع.
هدف البحث
يهدف هذا البحث إلى التعرف إلى بعض المتغيرات التي يعتقد أنها ترتبط بالإساءة اللفظية للطفل، وبالتالي محاولة السيطرة عليها والحد من أثرها حتى ينشأ الأطفال في بيئة أقرب ما يمكن إلى السواء وبالتالي حتى يتمتعوا بأكبر قدر من الصحة النفسية.
متغيرات البحث
1. جنس الطفل: أنثى، ذكر.
2. التأثر العام: مقارنة بين الجنسين من حيث التأثر العام بالإساءة اللفظية.
3. المستوى التعليمي للأب: 1. أمي، 2. دون الشهادة الثانوية، 3. يحمل شهادة ثانوية فما فوق.
4. مستوى دخل الأسرة: 1. قليل، 2. متوسط، 3. جيد.
5. تكرار الإساءة اللفظية: تعدد المرات التي يسيء فيها الوالد لطفله اساءة لفظية.
فرضيات البحث
1. هناك فرق ذو دلالة إحصائية بين الأطفال الذكور والإناث من حيث التأثر بالإساءة اللفظية من قبل الوالد.
2. هناك علاقة إحصائية بين المستوى التعليمي للوالد وتكرار تعرض الطفل للإساءة اللفظية من قبله (بالنسبة للذكور)
3. هناك علاقة احصائية بين المستوى التعليمي للوالد وتكرار تعرض الطفل للإساءة اللفظية من قبله (بالنسبة للإناث)
4. هناك علاقة احصائية بين مستوى دخل الأسرة وتكرار تعرض الطفل للإساءة اللفظية من قبله (بالنسبة للذكور)
5. هناك علاقة احصائية بين مستوى دخل الأسرة وتكرار تعرض الطفل للإساءة اللفظية من قبله (بالنسبة للإناث)
التعريف بالمصطلحات
1. العنف: ويعرفه عدد من علماء السلوك بأنه نمط من أنماط السلوك الذي ينبع عن حالة إحباط مصحوب بعلامات التوتر ويحتوي على نية سيئة لالحاق ضرر مادي ومعنوي بكائن حي أو بديل عن كائن حي.(
2. العنف ضد الطفل: " أي فعل، أو الامتناع عن فعل، يعرض حياة الطفل وأمنه وسلامته وصحته الجسدية والجنسية والعقلية والنفسية للخطر – كالقتل، والشروع في القتل، والإيذاء، والإهمال وكافة الاعتداءات الجنسية "
3. الاعتداء العاطفي: بوصفه النمط السلوكي الذي يهاجم النمو العاطفي للطفل وصحته النفسية وإحساسه بقيمته الذاتية. وهو يشمل الشتم والتحبيط والترهيب والعزل والإذلال والرفض والتدليل المفرط والسخرية والنقد اللاذع والتجاهل.
4. الإساءة اللفظية من قبل الوالدين: هي تلك الألفاظ أو الكلمات التي يستخدمها الوالدان ضد أطفالهم والتي تسبب آلام وفيها قسوة نفسية للطفل. (الشقيري، المصري. ص 11)
منهج البحث
تعتمد الباحثة المنهج الوصفي الذي يدرس الواقع ويصفه بدقة ويعبر عنه كيفياً من خلال الوصف الكمي للظاهرة.
أداة البحث
أداة البحث عبارة عن استبيان مؤلف من 12 سؤالاً يجيب عليها المفحوص بنعم أو لا وقد أعطيت للإجابة نعم نقطة واحدة بينما لم تعط الأجابة لا أية نقطة، وتقسم هذه الأسئلة إلى زمرتين 6 منها لقياس شدة تأثر الطفل بالإساءة اللفظية الموجهة نحوه وهي (1،3،5،7،9،11). و6 الأخرى تعكس إحساسه بمدى تكرار الإساءة من قبل الوالد. وتم حساب النتائج عن طريق حساب النسب المئوية.
عينة البحث
تم التطبيق على عينة مؤلفة من 20 طالباً من صف الأول الإعدادي. وعينة مؤلفة من 20 طالبة من الصف الأول إعدادي.
الإطار النظري الدراسات السابقة
دراسات عربية: 1. دراسة هند خلقي: الأردن عمان عام 1990 هدفت الدراسة إلى معرفة العلاقة بين الإساءة للطفل وبين المتغيرات الديموغرافية للأسرة وقد دلت النتائج على أن الأطفال تقع عليهم الإساءة بغض النظر عن جنسهم. 2. دراسة د. محمد عبد الرحمن الشقيرات وعامر نايل المصري: الأردن محافظة الكرك 2001
هدفت الدراسة إلى حصر الألفاظ الشائعة التي يستخدمها الوالدان في الإساءة اللفظية وما هي الفروق بين الطلاب الذكور في التأثر العام والمفصل على الإساءة اللفظية وتكرارها وعلاقة استعمال الإساءة اللفظية بمتغيرات أسرية معينة وقد دلت النتائج إلى أن الأطفال الإناث أكثر تأثراً بالإساءة اللفظية من الذكور وأن الأطفال الذكور أكثر تعرضاً لتكرار للإساءة اللفظية من الإناث.
دراسات عالمية:
1. دراسة Ney: هدفت هذه الدراسة إلى فهم الأسباب التي تجعل الوالدين يسيؤون لأطفالهم بنفس الطريقة التي تم الإساءة بها إليهم، أجريت هذه الدراسة عام 1988، وقد شملت خمسة أنواع من الإساءة للأطفال وهي: الإساءة اللفظية، الجسمية، الجنسية، الإهمال الجنسي، الإهمال الانفعالي، وأشارت النتائج إلى وجود ارتباط إيجابي مرتفع بين شكل الإساءة التي تعرض لها الأبوان من قبل آبائهم سابقاً مع شكل إساءتهم لأطفالهم في الوقت الحاضر.
2. دراسة Drowning: هدفت الدراسة إلى فهم أثر بعض المتغيرات الديموغرافية في حوادث الإساءة للأطفال حيث قام الباحث بدراسة حالات الإساءة للأطفال المبلغ عنها في الولايات المتحدة عام (1976 – 1978) ودلت النتائج أن هناك فروقاً في الطبقات الاجتماعية في حوادث الإساءة فالطبقات المتدنية الدخل والتي مستواها التعليمي قليل، وجماعات الأقليات العرقية والقومية، كانت تظهر زيادة في حوادث الإساءة للأطفال. (الشقيرات، المصري. ص 11،12،13،23)
تصنيف الإساءة للأطفال
تأخذ الإساءة للطفل عدداً من التصنيفات والأشكال:
1. الإساءة البدنية: " تأخذ الأساة البدنية أشكالاً معروفة وغير معروفة من الممارسات العنيفة مثل الضرب على مناطق حساسة من جسم الطفل، كما تشمل إعطاء الطفل كميات كبيرة من الأدوية أو المهدئات حتى يبقى نائماً، وحبس الطفل فترات طويلة واستخدامه للسرقة " (الشقيرات، المصري، ص 9)، وتشير الإساءة الجسدية عامةً إلى الأذى الجسدي الذي يلحق بالطفل على يد أحد والديه أو ذويه. وهو لا ينجم بالضرورة عن رغبة متعمدة في إلحاق الأذى بالطفل، بل إنه في معظم الحالات ناتج عن أساليب تربوية قاسية أو عقوبة بدنية صارمة أدّت إلى إلحاق ضرر مادي بالطفل أو كادت. وكثيراً ما يرافق الاعتداء الجسدي على الطفل أشكال أخرى من سوء المعاملة. ومن الأمثلة المؤسفة والشائعة على ذلك ضرب أحد الوالدين لطفله بقبضة اليد أو بأداة ما في الوقت الذي ينهال عليه بسيل من الإهانات والشتائم. وفي هذه الحالة، يعتبر الطفل ضحية اعتداء جسدي وعاطفي في آن واحد. ويشمل الاعتداء البدني على الطفل الرضوض والكسور والجروح والخدوش والقطع والعض وأية إصابة بدنية أخرى. ويعتبر اعتداءً كذلك كل عنف يمارسه أحد والدي الطفل أو ذويه إذا تسبب في أذى جسدي للطفل. ويشمل ذلك ضربه بأداة أو بقبضة اليد واللطم والحرق والسفع والتسميم والخنق والإغراق والرفس والخض. فكل هذه الممارسات وإن لم تسفر عن جروح أو كسور بدنية ظاهرة ولكنها تعتبر اعتداء بحد ذاتها.
2. الإساءة العاطفية: يمكن تعريف الإساءة العاطفية بوصفها النمط السلوكي الذي يهاجم النمو العاطفي للطفل وصحته النفسية وإحساسه بقيمته الذاتية. وهو يشمل الشتم والتحبيط والترهيب والعزل والإذلال والرفض والتدليل المفرط والسخرية والنقد اللاذع والتجاهل. والإساءة العاطفية تتجاوز مجرد التطاول اللفظي وتعتبر هجوماً كاسحاً على النمو العاطفي والاجتماعي للطفل وهو تهديد خطر للصحة النفسية للشخص. إذن الإساءة اللفظية تندرج تحت الإساءة العاطفية للطفل والإساءة اللفظية سلوك يؤدي إلى رؤية الطفل لنفسه في الصورة المنحطّة التي ترسمها ألفاظ ذويه مما يحد من طاقة الطفل ويعطّل إحساسه الذاتي بإمكاناته وطاقاته. إطلاق أسماء على الطفل مثل "غبي"، "أنت غلطة"، "أنت عالة" أو أي اسم آخر يؤثر في إحساسه بقيمته وثقته بنفسه خاصة وإذا كانت تلك الأسماء تطلق على الطفل بصورة مكررة.
3. الإساءة الجنسية للطفل: "هي استخدام الطفل لإشباع الرغبات الجنسية لبالغ أو مراهق. وهو تشمل تعريض الطفل لأي نشاط أو سلوك جنسي ويتضمن غالباً التحرش الجنسي بالطفل من قبيل ملامسته أو حمله على ملامسة المتحرش جنسياً.
ومن الأشكال الأخرى للاعتداء الجنسي على الطفل المجامعة وبغاء الأطفال والاستغلال الجنسي للطفل عبر الصور الخلاعية والمواقع الإباحية. وللاعتداء الجنسي آثار عاطفية مدمّرة بحد ذاته، ناهيك عما يصحبها غالباً من أشكال سوء المعاملة. وهي تنطوي أيضاً على خذلان البالغ للطفل وخيانة ثقته واستغلاله لسلطته عليه.
المصدر: موقع نساء سوريا
أضف تعليقاً