ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب مارك كرنوف (MARC CHERNOFF)، ويُخبرنا فيه عن تجربته في بعض الممارسات التي جعلت حياته أكثر صعوبة وكيفية إقلاعه عنها.
فعندما كنا صغاراً، كنا نرى العالم بنظرة بسيطة ومتفائلة، وكنا نعرف ما نريد، ولم يكن لدينا تحيزات أو أجندات خفية، كنا نحب الأشخاص الذين يبتسمون لنا، ونتجنب الأشخاص العابسين، كنا نأكل عندما نشعر بالجوع، ونشرب عندما نشعر بالعطش، وننام عندما نشعر بالتعب، كانت الحياة بهذه البساطة فقط.
لكن مع تقدُّمنا في السن، أصبحنا محبطين وخائبي الأمل بسبب التأثيرات الخارجية السلبية، وفي مرحلة ما بدأنا نتردد ونشكك في حدسنا، وكلما ظهرت عقبة أو ألم جديد، تعثرنا وسقطنا، لقد حدث هذا مرات عدة، وفي النهاية قررنا أنَّنا لا نريد السقوط مرة أخرى، لكن بدلاً من حل المشكلة التي تسببت في سقوطنا، تجنبناها كلياً.
نتيجة لذلك، بحثنا عن أساليب تُلهينا عن مشكلاتنا وتشغل عقولنا لنسيان آلامنا وملء فراغ حياتنا، فعملنا عمداً لوقت متأخر من الليل لتجنب الخلافات المنزلية العالقة دون حل، وبدأنا نضمر الضغائن، ونخدع أنفسنا والآخرين بمهارة من أجل التقدم في حياتنا، وعندما لم ينجح الأمر، عشنا بطريقة تفوق طاقتنا، وحاولنا التستر على مخاوفنا وأكاذيبنا بأكاذيب أخرى، وبحثنا عن التسلية في الأكل والشرب لنشعر فقط بتحسن مرة أخرى، وبمرور الوقت، أصبحت حياتنا أكثر صعوبة، وبدأنا نفقد التواصل مع ذواتنا ومع ما نحتاج إليه حقاً. إليك فيما يأتي بعض الأساليب التي من المحتمل أن تجعل حياتك أكثر صعوبة، مما يجب أن تكون عليه.
وبعض الأفكار التي تساعدك على تبسيط الأمور:
1. البحث عن أي شخص يعطيك إجابات يمكنك أن تعطيها لنفسك:
نتلقى من الآخرين في معظم مراحل حياتنا، وخاصة في البداية، ما يجب علينا القيام به، وكيف نفكر، وما الذي يبدو جيداً، وما هو "النجاح"، وما إلى ذلك؛ لكن ليس عليك قبول أي من ذلك بعد الآن، فأنت حرٌ في اكتشاف أجوبتك بنفسك وامتلاك أفكارك ومواقفك الخاصة، وفي الإصغاء إلى حدسك، ووضع حدٍّ لهذا النمط المقيد من الأفكار، فعندما تتوقف عن تنفيذ رغبات الآخرين وتبدأ في اتباع حدسك الخاص، ستجد بالضبط ما تبحث عنه.
2. السماح للآخرين بجعلك تشعر بالذنب لأنَّك تعيش على طريقتك الخاصة:
استمر في عيش حياتك على طريقتك الخاصة ما دمت لا تؤذي أحداً؛ إذ إنَّنا نضيع أحياناً في محاولة العيش من أجل شخص آخر، وتلبية توقعاته، والقيام بأشياء فقط لإثارة إعجابه؛ لذا تمهل وفكِّر قليلاً في الأمر، وفيما إذا كنت تفعل هذه الأشياء لأنَّك تؤمن بها حقاً، وتذكر أهدافك الخاصة، وعش على طريقتك، وافعل ما تحب حتى تكون سعيداً؛ لأنَّ العلاقات مع الآخرين قد تنتهي في لحظة؛ لكنَّك ستعيش مع نفسك إلى بقية حياتك.
3. السماح للأشخاص السامين بامتصاص طاقتك:
ليس عليك أبداً أن تشعر بالذنب حيال التخلص من الأشخاص السامين في حياتك، ولا يهم ما إذا كان الشخص قريباً أو حبيباً أو زميلاً أو صديق الطفولة أو أحد معارفك الجدد؛ إذ لست مضطراً لإفساح المجال في حياتك للأشخاص الذين يسببون لك الألم أو يجعلونك تشعر بأنَّك أحمق.
إنَّه لأمرٌ هام إذا كان الشخص يعترف بسلوكه الخاطئ ويبذل جهداً لتغييره، لكن إذا تجاهَل شخص ما مشاعرك، وتجاوز الحدود المسموحة في التعامل معك، واستمر في معاملتك بطريقة سيئة، فعليه أن يمضي في طريقه بعيداً عنك.
شاهد بالفيديو: 5 طرق لتحمي نفسك من الأشخاص السلبيين
4. أن تكون جزءاً من بعض المآسي والأحداث السلبية:
ستختلف حياتك تماماً إذا ابتعدت بنفسك عن المآسي العامة والإشاعات والافتراءات؛ لذا ابدأ من اليوم بتغيير أسلوب حديثك بحيث تدعم الآخرين، وتتحدث عن الخير الذي تعرفه عنهم وشجعهم على فعل الشيء نفسه؛ كما يمكنك تجاهل أولئك الذين يرفضون دعمك؛ فالأمر تماماً بهذه السهولة؛ ستشعر بفارقٍ كبير عندما تنأى بنفسك عن السلبية وعن أولئك الذين يثيرونها؛ لذا لا تنشغل بالأمور السلبية، تجاوزها فقط.
5. افتراض النية السيئة لأفعال الآخرين:
ربما يتجاوزك أحد السائقين في أثناء زحمة المرور، أو لا يرد صديق على رسائلك أبداً، أو ذهب زميلك لتناول الغداء دونك؛ إذ يمكن لأي شخص أن يجد سبباً لشعوره بالإساءة دائماً؛ فما الذي جعلك تشعر بالإهانة سوى أنَّك افترضت نية سيئة لهذه الأفعال البسيطة وحسبتها إهانة شخصية أو صفعة على الوجه؛ لذا لا تفكر بهذه الطريقة، ولا تأخذ الأمور على محمل شخصي.
6. القلق من أن يسرق الآخرون ما لديك:
دع هذا الشيء يكون بمنزلة تنبيه بالنسبة إليك لتغيير الطريقة التي تفكر بها، خاصة إذا كنت فناناً أو كاتباً أو رائد أعمال أو تعمل في أي مجال إبداعي، فيوجد دائماً ما يمكن اكتسابه من مشاركة المعرفة أكثر من الاحتفاظ بها لنفسك؛ ولا تقلق من أن يسرق الناس عملك؛ بل اقلق بشأن اللحظة التي يتوقفون فيها عن ذلك؛ كن صادقاً ومفيداً وجيداً فيما تفعله لدرجة لا يمكن إنكارها؛ إذ لا يمكن لأي مخطط تسويق ذكي أو عبارة لافتة على وسائل التواصل الاجتماعي أو منافس أن يكون بديلاً عن ذلك على الإطلاق؛ وكلما رغب الناس فيما لديك، بصرف النظر عن الظروف، فهذا دليل على أنَّك تعمل بتميز.
7. محاولة التنافس مع الآخرين:
إذا تنافست مع أيِّ شخص آخر، سوف تشعر بالمرارة، لكن إذا كنت تتنافس مع نفسك، فسوف تصبح شخصاً أفضل؛ فالأمر بهذه البساطة.
8. تفضيل مصلحتك على احتياجات الآخرين:
تتمثل إحدى طرائق التعامل مع التوتر والخسارة في فعل الخير للآخرين، كالتطوع والمشاركة في الحياة العامة، وليس من الضروري حتى أن يكون حدثاً كبيراً ومنظماً، فقط قدِّم كلمة طيبة، أو قدِّم الدعم لشخص قريب، أو زر شخصاً يعيش وحيداً، وقلِّل من انشغالك بذاتك لبعض الوقت؛ ففي الحياة ثمة نوعان من الناس، المانحون والمتلقون، فالمانحون سعداء دائماً، بينما ما يزال المتلقون يتساءلون بحزن عن مصلحتهم في أيِّ أمر.
9. التركيز على الشهرة والشعبية أكثر من الفاعلية:
اطلب الاحترام وليس الاهتمام، فهو يدوم لفترة أطول وأكثر فائدة في النهاية؛ لذا افعل الأشياء التي تُحدِث فرقاً دائماً، ولا تخلط بين الشعبية والفاعلية، فأن تكون مشهوراً يعني أن تكون محبوباً لفترة من الوقت، أما أن تكون فعَّالاً يعني أنَّك قد أحدثت فرقاً.
10. البحث عن السهولة دائماً في كل شيء:
افعل الصواب وليس ما هو سهل، وافعل الشيء الصحيح، وإن لم يعرفه أحد، فيكفي أنَّك تعرف ماذا تفعل.
11. التركيز على كل الأوقات إلا اللحظة الحالية:
لا يمكنك تغيير الماضي، لكن يمكنك أن تدمِّر الحاضر بالقلق بشأن الغد؛ لذا كن حاضراً وركز على اللحظة الراهنة، فغداً سيكشف عن نفسه تماماً كما ينبغي، وتماماً كما حدث مسبقاً في الماضي.
12. أن تعلق بأخطاء الماضي:
من الهام أن نسامح أنفسنا على ارتكاب الأخطاء، فنحن بحاجة إلى التعلم من أخطائنا والمضي قدماً في حياتنا؛ لذا حاول أن تعد نفسك اليوم بألا تبقى مقيداً بأخطاء الماضي، فأحياناً يكون أعظم شيء ينتج عن عملك الشاق ليس ما تحصل عليه، لكن ما تتعلمه منه، فالحياة السعيدة والناجحة ليست حياة خالية من المشكلات، لكنَّها حياة تكون فيها قادراً على تجاوز تلك المشكلات.
شاهد بالفيديو: 10 أسباب تجعلك فخوراً بارتكاب الأخطاء
13. لديك عقلية "الكل أو لا شيء":
النجاح التام غير موجود، مثلما الفشل التام غير موجود أيضاً، وهذا هو السبب في أنَّ المبالغة في وصف الأشياء، الكل أو لا شيء، والنجاح أو الفشل، هو أمر لا طائل منه؛ وما هو موجود حقاً هو سلسلة مستمرة من اللحظات غير الكاملة مليئة بالإمكانات والفرص اللانهائية، لذا قدِّر المنطقة الرمادية بين النقيضين، الرحلة والتجارب، وقبل كل شيء، لا تدع النجاح يجعلك شخصاً مغروراً أو تدع الفشل ينال منك ويسبب لك الحزن.
14. توقُّع أن تكون الحياة سعيدة دائماً:
يمكن أن يكون العالم صعباً، وقد تواجه المعاناة، والحسرة، والخسارة، ويمكن أن تؤثِّر هذه الظروف في سعادتك، لكن لا تفقد الأمل؛ وفكر في مبدأَي ين ويانغ (Yin ،Yang) في الفلسفة الصينية، واللذان ينصان على أنَّ القوى المتعارضة غالباً ما تكون مترابطة، فقد تحصل على القوة من خلال معاناتك والقدرة على التعافي من الحزن، وقد تحصل في الخسارة على فرصة متجددة للحياة، فالحياة تسير دائماً على مبدأ الأضداد، والأضداد مترابطة؛ إذ لا يمكنك حماية نفسك تماماً من الحزن دون حماية نفسك من السعادة.
15. التفكير دائماً في أسوأ السيناريوهات:
تتصارع الأفكار في ذهنك في بعض الأحيان بلا داعٍ عن أحداثٍ سلبية بسيطة، كأن يقلقك ويهدد سلامك التهاب بسيط في الحلق، أو تخاف من أن تسقط رخصة قيادتك المفقودة في أيدي مخادع يحاول سرقة هويتك، فأفكار سلبية مثل هذه لا تولِّد سوى مزيد من السلبية؛ موجة قوية ستحملك بعيداً عن الشاطئ، وإذا لم تسبح جيداً سوف تسحبك إلى الأسفل.
خلاصة القول هي: تستطيع رؤية العالم من خلال عدسة الشك واليأس أو عدسة الأمل والإثارة، إنَّه اختيارك؛ وفي الحالتين كلتيهما، ستصل يوماً ما إلى الوجهة نفسها، لكنَّ السؤال الوحيد هو "هل تريد أن تصل حزيناً أم سعيداً؟".
16. السماح للخسارة بأن تدمِّر حياتك:
في بعض الأحيان عليك أن تبذل جهداً في سبيل إيجاد السعادة، فمن الصعب للغاية إزالة بعض العقبات في الحياة ببساطة من خلال تبني عقلية إيجابية، فهل أنت مثلاً بحاجة إلى مسامحة شخص ما؟ أو هل أنت بحاجة إلى التخلي عن علاقة فاشلة؟ أو لتقبل فكرة وفاة أحد أفراد أسرتك؟
الحياة مليئة بالخسارات، لكن لن تكون السعادة الحقيقية ممكنة دونها؛ إذ إنَّها تساعدنا على تقدير الأوقات الجيدة، وتساعدنا على النمو، وإذا كنت تجد صعوبة في رؤية الجانب المشرق من حياتك، فأنت لست وحدك، ابحث عن شخص يفهمك وتحدَّث معه، واطلب الدعم، ولا تدع الخسارة تدمِّر حياتك.
17. تجنُّب مواجهة الحقيقة:
الحقيقة لا تزول عندما تتجاهلها؛ إذ لا يمكنك أن تجد السلام بتجنب الحياة، وعليك أن تشعر بالألم حتى تشفى منه؛ لذا واجه مخاوفك ونقاط ضعفك وسلِّط الضوء عليها، لأنَّ السبيل الوحيد لتجاوزها هو مواجهتها، فألم مواجهة الحقيقة يستحق كل هذا العناء على الأمد الطويل.
18. تأجيل اتخاذ القرارات:
دائماً ما يكون اتخاذ القرارات السيئة أفضل من عدم اتخاذ قرارات على الإطلاق؛ فالتردد يؤخر تقدمك فقط، بينما تعلمنا القرارات السيئة أن نحصل على قرارات أفضل؛ في النهاية، غالباً ما نأسف على الفرص التي لم نستثمرها، والعلاقات التي كنا نخشى الدخول فيها، والقرارات التي انتظرنا طويلاً لاتخاذها.
أضف تعليقاً