ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة "جينيفر لانديس" (JENNIFER LANDIS)، وتُحدِّثنا فيه عن أهم الصعوبات التي يواجهها الوالدان - لا سيَّما الأمهات - في تربية الأطفال، وأفضل الطرائق للتغلب عليها.
بقدر ما قد تنجح عادةً بالموازنة بين حياتك المهنية والعائلية عليك أن تتذكرَ أنَّك مُجرَّد إنسانٍ فحسب وقد تمرض أو تشعر بالتعب والإرهاق كأيِّ شخصٍ آخر، إلَّا أنَّك لا تستطيع ببساطة الاستقالة من وظيفة التربية والتوقف عن العمل حينما ترغب بذلك؛ لذا سنقدم لك كيفية التكيُّف والتأقلم في المرة القادمة التي تعاني فيها نوبةَ شقيقةٍ حادَّة أو عندما يرمي طفلُك الصغير هاتفَك المحمول في حوض السمك أو تشعر بأنَّ طاقتك قد نفدَت وحظيتَ بما يكفي من الإرهاق والضغوطات.
إليك فيما يأتي أفضل 7 طرائق للتربية عندما لا نكون بأفضل حالاتنا:
1. تحديد المشكلة:
غالباً ما نشعر بالغضب والاستياء دون معرفة أصل أو منشأ ذلك الإحساس، وتتمثل الخطوة الأولى في ضبط المشاعر والتحكم بها لتقييم حالتك وتخمين السبب الذي يكمن وراء غضبك واستيائك؛ فلعلَّ طفلك الصغير قد سكب الحليب على السجاد؛ لكنَّ هذا لا يبرر انفعالَك الشديد أو فقدانك لصوابك.
قد يعني الشعورُ المزمن بالعصبية وتعكُّر المزاج وسرعة الغضب أنَّ شيئاً ما في حياتك يفتقر للتوازن؛ فقد تكمن المشكلة ربَّما في شعورك بالامتعاض أو الاستياء من شريك حياتك بسبب نسيانه الدائم لتنفيذ ما يجب عليه من روتين الأعمال المنزلية، أو تلقِّيك لتقييم أداءٍ في عملك غير مُنصفٍ بحقِّك.
يسمح لنا تحديدُ السبب الكامن وراء ما يُثير غضبَنا أو يُضايقنا بمواجهة المشكلة الحقيقية بفاعلية بدلاً من الانفجار غضباً على أحبائنا بسبب انزعاجات ومضايقات صغيرة وتافهة، ومن ثم فإنَّ وضعَ خطةٍ لمعالجة المشكلة العاجلة التي تواجهنا بكل بساطة يمدُّنا بالراحة.
2. إجراء حوارات صريحة وودِّية:
يفهم الأطفال الصغار - حتى الذين لا تتجاوز أعمارهم العامَين - المشاعر الأساسية كالغضب والخوف والقلق، ويتعلمون من والدَيهم كيفية التعبير عن هذه المشاعر والأحاسيس الصعبة بصورة لائقة أو غير لائقة، فيحمل الأطفال الذين تربَّوا في منازل يتكرر فيها الصراخ والإهانات والإساءة للمشاعر بصورة دائمة واعتيادية هذه العادات معهم إلى مرحلة سن الرُّشد، ومن ثمَّ ينقلون تلك السلوكات والتصرُّفات السيئة إلى أطفالهم.
لذا ينبغي مناقشة المخاوف والهموم والأمور الهامة مع أطفالك بطريقة ملائمة ومناسبة لأعمارهم، والسماح لهم بمشاركة أفكارهم في سبيل حلِّ المشكلات التي يتعرضون لها بطريقة هادئة وعقلانية، كما يجب عليك أن تُعلِمَهم بأيِّ اضطراباتٍ تعانيها في الصحة العقلية التي قد تؤثر أحياناً في سلوكك وتصرُّفاتك؛ ممَّا يعلِّمهم استيعاب الأشخاص الذين يعانون أمراضاً مشابهة في المستقبل.
شاهد بالفيديو: 8 تصرفات تشير إلى أنَّنا نسيء تربية أطفالنا دون أن نعلم
3. التخفيف من ضغوطات الحياة المختلفة:
قد تمرُّ علينا أيام صعبة وسيئة تشعرنا كأنَّنا بلغْنا أوجَ صبرنا ولم تعدْ لدينا أيُّ قدرةٍ على التحمُّل، فنعرِّض أنفسَنا عموماً لضغوطات لا داعي لها وتوتُّر غير مُبرَّر من خلال إصرارنا على الكمال في إنجاز واجباتنا العادية التي لا تحتاج إلى كل هذا الحرص.
على سبيل المثال مهما كانت حماتُك مهووسة بالنظافة فلا يعني هذا أنَّ عليك أن تجعلي المنزل نظيفاً للغاية ولا تشوبه شائبة قبل زيارتها، وحتَّى إن كنتَ تحرص على المحافظة على عاداتٍ غذائية صحية لعائلتك فلا مانع من السماح لأنفسكم بزيارة أحد مطاعم طلبات السيارات من حينٍ إلى آخر أو طلب توصيل البيتزا إلى المنزل بعد يومٍ صعبٍ بالتحديد؛ فالأطفال لن يرفضوا ذلك على الإطلاق.
4. طلب المساعدة:
تحتاجُ كلُّ أمٍّ إلى مدِّ يد العون والمساعدة لها من حينٍ إلى آخر، وسواء كنتِ تحتاجين إلى مساعدة كي لا تتأخري عن تنظيف المنزل أو يومَ عطلةٍ للعناية بصحتك العقلية والنفسية واستعادة سلامك الداخلي، فإنَّ طلب المساعدة يُظهِر قوَّتك وأفضل بكثير من تدبُّر أمورك وإدارة كل شيءٍ بنفسك، كما يمكن للأمهات اللواتي يملكْن صديقاتٍ لديهنَّ أطفالٌ من نفس الأعمار التناوبُ في مراقبتهم والإشراف عليهم في أثناء اللعب في حين تتمتع الأُخرَيات بالسلام والهدوء الضروري للغاية.
في حين أنَّ 42% فقط من الملاعب فيها مناطق منفصلة مُصمَّمة خصيصاً للأطفال بعمر الخامسة أو أقل، يمكن للأمَّهات اللواتي يعشْن بالقرب من المُنشآت المُماثلة الاستعانةُ بالأطفال المراهقين الموثوق بهم لاصطحاب أخوتهم الأصغر سنَّاً للَّعب خارجاً، وينبغي للذين يفتقرون إلى هذا النوع من المرافق العامة ووسائل الراحة والمتعة التواصل مع المسؤولين عن المنتزهات المحلية والأقسام الترفيهية للمُطالَبة بمثل هذه المساحات المُسوَّرة.
5. إقامة صداقات مع أشخاص بالغين وتنميتُها:
لا أستطيع تقديرَ درجة تحمُّل كل شخصٍ لمحاكاة لغة الأطفال؛ لكنَّني أملكُ حدَّاً مُعيَّناً لِما يمكنني تحمُّلُه منها قبل أن أرغب بالصراخ من شدَّة الانزعاج، وربَّما يعود السبب في ذلك إلى أنَّني أكسب رزقي من خلال الكلمات، ومن ثمَّ فإنَّ تكرار قول "ها قد أتَت الطائرة" مثلاً بابتهاجٍ ومرحٍ عند محاولة إقناع طفلي الأصغر وترغيبه بتناول الطعام يُزعجني لدرجة تمنِّي الصمم كي لا أُضطَرَّ لسماع صوتي في أثناء ذلك.
تحتاج الأمهات لمُصادقة أمهات أخريات، ومن ثمَّ إن كنتِ شخصاً اجتماعياً ابدئي بكلِّ بساطة بفتح حديثٍ مع إحدى الأمهات التي تراقب طفلَها في أثناء لعبِه في المُنتزَه، ويمكن للأمَّهات الأكثر انطوائيةً مقابلة الأصدقاء على الإنترنت أولاً من خلال بعض التطبيقات كتطبيق "بينات" (Peanut) الذي أنشِئ خصيصاً للتواصل بين الأمَّهات، ويمكنكِ استخدامه لبناء عائلةٍ من البالغين لنفسك والاستمتاع بالعودة لأحاديث الكبار.
6. التخطيط لقضاء بعض الوقت وحدك:
لقد كنتُ من نوع الأشخاص الانطوائيين المُولَعين بالقراءة منذُ نعومة أظفاري؛ لذا فإنَّ أصعب الأمور التي اضطُررتُ للتكيُّف معها بصفتي أمَّاً لطفلَين هو تحمل ثرثرتهما التي لا تتوقف وإلحاحهما الدائم للحديث معي حتى في المطبخ.
لا أحتاج وقتاً وحدي للكتابة فحسب؛ بل أحتاجه أيضاً كي لا ينتهي بي الأمرُ بالإصابة بالجنون ودخول مستشفى الأمراض العقلية، ولحسن الحظ فقد عرف زوجي بهذا الأمر عنِّي قبل وقتٍ طويل من زواجنا، وإنَّ جزءاً من الانجذاب لعلاقتنا والإعجاب الأولي كان يشمل امتلاك كلٍّ منَّا لهواياتٍ واهتمامات منفصلة بدلاً من توقُّع الوجود معاً في كل لحظة من كل يوم، وحين يُدرك بأنَّني سأُصاب بإرهاق حسيٍّ يعمد لإخراج الأطفال من المنزل أو أخذهم إلى حديقة المنزل الخلفية على الأقل كي أتمكن من نيلِ قسطٍ من الراحة.
7. التركيز على سبب حبِّك لعائلتك:
حتَّى في أقسى الأيام التي قد تمرُّ علينا تمدُّنا عائلاتُنا بنبعٍ من الراحة والطمأنينة والقبول والتفهُّم والتعاطف دون أي قيدٍ أو شرط، ومن ثمَّ عليك تكريم الحبِّ الذي تشعر به تجاه الأشخاص المُقرَّبين والأعزَّاء في حياتك من خلال الاهتمام باحتياجاتك الخاصة أيضاً؛ إذ تحتاج كلُّ أمٍّ خارقة إلى خلعِ رداء الأمومة البطولي بقليل من التجاهل وعدم الاكتراث بين الحين والآخر.
أضف تعليقاً